الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **
على ما استقر عليه الحال في ابتداء الدولة التركيـة وإلـى زماننـا علـى رأس الثمانمائة مما أكثره مأخوذ من ترتيب الدولة الأيوبية التي هي أصل الدولة التركية مكاتبات ملوك الديار المصرية ابتداء الدولة التركية وفيه ثلاثة أطراف الطرف الأول في المكاتبات الصادرة عنهم إلى الخلفاء من بني العباس مكاتباتهم الى خلفاء بني العباس قـد تقـدم فـي الكلـام علـى المكاتبـات الصـادرة عن الملوك إلى خلفاء بني العباس أنها على أساليب في ابتداء المكاتبات: منها ما يفتتح بآية من القرآن الكريم ثم بالسلام ومنها ما يفتتح بالسلام ابتداء ومنها ما يفتتح بالصلاة على الخليفة على مذهب من يرى جواز إفـراد غيـر الأنبيـاء بالصلاة ومنها ما يفتتح بالدعاء لديوان الخلافة. ولكـن الـذي ذكره المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه " التعريف بالمصطلح الشريف " مما الحال مستقر به أن المكاتبة إلى ديوان الخلافة الشريفة: " أدام الله أيام الديوان العزيز المولوي السيدي النبوي الإمامي الفلاني " ثم الدعاء المعطوف والصدر بالتعظيم المألوف وأنها قد تفتتح بغير هذا الدعاء نحو: " أدام الله سلطان " و " خلد الله سلطان " أو " أيام " أو غير ذلـك ممـا يقتضـي العـز والـدوام. وأن الصـدر نحـو: " العبـد أو المملـوك أو الخـادم يقبـل الأرض أو العتبات أو مواطئ المواقف " أو غير ذلك. وأن ختم الكتاب يكون تارة بالدعاء وتارة ب " يطالع أو أنهى " أو غيرهما مما فيه معنى الإنهاء. ويخاطب الخليفة في أثناء الكتاب بالديوان العزيـز وبالمواقـف المقدسة أو المشرفة والأبواب الشريفة والباب العزيز والمقام الأشرف والجانب الأعلى أو الشـرف. وبأميـر المؤمنيـن مجـردة عـن سيدنـا ومولانـا ومرة غير مجردة مع مراعاة المناسبة والتسديد والمقاربة. وأن خطاب المكاتب عنه بحسب من كتب عنه: فكتب بعض ملوك بني أيوب بالديار الشامية " الخادم ". وبعضهم " المملـوك " وبعضهـم " العبـد " وبعضهـم " أقـل المماليـك " وبعضهم " أقل العبيد ". وأن علاء الدين خوارزم شاه: صاحب بلاد خوارزم وما معها وابنه جلال الدين كانا يكتبان " الخادم المطواع " وأن أم جلال الدين كانت تكتب " الأمة الداعية ". قال: في " التثقيف ": وعنـوان " الديـوان العزيـز " إلـى آخـر الألقـاب ثـم الدعـاء يعنـي مـن نسبـة الصـدر نحـو " أدام اللـه أيامـه وخلد الله سلطانه " وما أشبه ذلك. قال: وعادة العلامة إليه " الخادم " أو " المملوك " أو " العبد ". وكتب بعضهم " أقـل المماليـك " وبعضهـم " أقـل العبيـد ". يريـد أن العلامـة تكـون مطابقـة لمـا يقع في أثناء المكاتبة عن المكتوب إليه من الخادم وغيره مما تقدم ذكره بحسب ما يؤثر الملك المكتوب عنه الخطاب به عن نفسه. وهذه عدة صدور مختلفات الابتداءات منقولة من التعريف وغيره. أما قطع الورق الذي يكتب فيه إلى الخليفة فقد تقدم في الكلام على مقادير قطع الورق في المقالـة الثالثـة نقـلاً عـن ابـن عمـر المدائنـي فـي " كتـاب القلـم والـدواة " أنه يكتب للخلفاء في قرطاس مـن ثلثـي طومار وأن المراد بالطومار الفرخة الكاملة وأن المراد الورق البغدادي وحينئذ فينبغي أن يجرى الأمر على ذلك تعظيماً للخلافة. صـدر: أدام الله أيام الديوان العزيز ولا زالت سيوف أوليائه في رقاب أعدائه محكمة وصنوف الكفار في أيدي عسكره الجرار بالنهاب مقسمة وصفوف أهل الشرك مزلزلة بخوافق أعلامه المطهرة وسنابـك جيـاده المطهمـة ولا برحـت ملائكـة النصـر مـن أمـداده وملـوك العصـر بيض الوجوه بتعظيم شعار سواده. الخادم ينتهب ثرى العتبات الشريفة بالتقبيل وينتهي في قصارى الطلبات على الوقوف في تلك الربوع ويكلل ربى تلك الساحات وهو وكل ابن سبيل بلآلئ الدموع خضوعاً في ذلك الموقف الذي تنكر القلوب فيه الصدور وتلصق منه الترائب بالنحور ويظهر سيما الجلالة في الوجود ويغدق على الأولياء فيعرفون بسيماهم من أثر السجود. وينهي أن ولاءه القديم وبلاءه العظيم وأيامه السالفة وأفعاله التالدة والطارفة وسوابق خدمه في امتثال الأوامر الشريفة التي لم يزل يتسـارع إليهـا ويقارع عليها ويصارع غلب الأسود على تنفيذ مراسمها وإقامة مواسمها وإطارة صيتها ودوام تثبيتها تحمل الخادم على الاسترسال وتجمل له السؤال والذي ينهيه كذا وكذا. صدر آخر: من " التعريف ": أدام الله سلطان الديوان العزيز ولا زالت الخلائق بكرمه مضيفة " والكتائـب فـي هجيـر وطيسـه مصيفـة " والأبصـار فـي نصـر أنصـاره مصنفـة والمواضي بأوامره في قبضات عساكـره مصرفـة والنقـود إلا مـا تشـرف باسمـه مزيفـة والقلـوب فـي صـدور الأعـداء بخواطف رغبه مسيفة والوعود إلا بما تنجزه مواهبه مسوفة والوغى لا ترى إلا برماحه مثقفة والسماء وإن علت لا تكون إلا لأذيال سيوفه مسجفة والمهابة بسطاه إما للمعاقـل فاتحـة وإمـا عما يطمع أن تناله الأيـدي منهـا مجحفـة والأمـم علـى اختلافهـا تحـت راياتـه المنصـورة مقاتلـة وأخرى له محالفة والأعلام التي يأوي إليها الإسلام به جوار الجوزاء مخلفة والأبطال لقتال الكفر ببوارق سيوف قبل مضايق صفوفه ومخانق زحوفه مخوفة. الخادم يقبل بولائه إلى ذلك الجناب ويقبل الأرض وكتابه يحسن المناب ويقيل عثراته إذ كان به قد لاذ ويقيم معاذيره إذ كان به قد عاذ ويتسربل بطاعته سرابيل تقيه إذا خاف من سهام الدهر إلى مهجته النفاذ ويصول بانضمامه إلى تلك العصابة المنصورة لا بما يطبع من الفولـاذ ويجل تلك المواقف المقدسة أن يبل مواطئها بدمعه وأن يحل مواطنها بقلبه قبل أن يعاجل كل عدو بقمعه ويعد ما هدي إليه من الاعتصام بسببها سبباً لفوزه وموجباً لملك رق عنق كل عاص وحوزه وينهي كذا وكذا. صدر آخر: خلد الله سلطان الديوان العزيز! ولا زالت أيامه شامخة الذوائب شارخة الصبا " حتـى " يلحـق الشيـب الشوائـب راسخـة الفخـار فـي الظهـر بالعجائب نافخة في فحم الليل جمر الكتائب صارخة والرعد ترتعد فرائضه بين السحائب ناسخة دولة كل علياء بما تأتي به من الغرائب وتبذله من الرغائب فاسخة عقد كـل خالـع يـرده اللـه إليهـا ردة خائـب باذخـة علـى ماضـي كـل زمـان ذاهـب مـن عصـور الخلفـاء الشرفـاء وائـب سالخة لجلدة كل أيم ظن أن في أنياب رمحه النوائب. الخادم يقبل العتبات الشريفة ساجداً بجبينه وشاهداً يستأديه له على يمينه وجاحداً كل ولاء سوى ولائه المعقود بيمينه وعاقداً بشرف الانتساب إليه عقد دينه وحامداً الله الذي جعله " مـن " طاعـة أميـر المؤمنيـن عنـد حسـن يقينـه وعائـداً بأملـه إلـى كـرم تثمـر بـه الآمال وتقمر به الليالي لأنها شعاره الذي تضرب به الأمثال وتمطر به السحب الجهام فتمحى بها آية الإمحال. وينهي ورود المثال الشريف الذي طلع نيره فأنار وسطع متضاده فألف بين الليل والنهار وأقبل فما رآه إلا كتابه الذي أوتيه باليمين وسحابه الذي أعطيه يندى منه الجبين ونصره أكثر من الألوف وأنصفه أعجل من السيوف وزاحم به الدهر فضلاً عـن الصفـوف وزار بـه الوغـي لا يهابهـا وخطيـات القنا وقوف فتشرف به وطار بغير جناح وقاتل بغير سلاح وقرأه وبات قرى له في السماح وتسلمه كأنما تسنم به المعاقل وتسلم منه المفتاح. صدر آخر: خلد الله أيام الديوان العزيز! ولا زالت سطواته تجمد برعبها الأبطال المدججة وتخمد بفيضها النيران المؤججة وتحمل بركز نفاذها إلى القلوب الرماح المزججة وتبخل معهـا بعوائد كرمها السحب المثججة وتخف لديها أوقار الجبال المفججة وتخـر بـل تخـور خوفـاً أن تترقـى إليها الأصوات المضججة وتخص بالغرق من خاطر في بحارها الملججة وتحلف بسلطانها للمـوت أشهـى مـن البقـاء إلـى طرائـد سيوفهـا المهججـة وتخلـد النصـر بهججها القائمة على الخصماء المتحججة. الخادم يقلـب وجهـه فـي سمـاء الفخـار بتقبيـل الـأرض التـي طالـت السمـاء فأطالـت النعمـاء وفضلـت النجـوم اللوامـع وأوتيـت بمالكهـا - أعـز اللـه سلطانـه - كلـم الفضـل الجوامـع وأحلـت شوامخ المجد من حلها وأجلت قدر من جد فأجلها وأعطت مفاتيح الكنوز كنوز الشرف لمن قبلها كما يقبل الحجيج الحجر أو أملها كما يؤمل الساري طلوع القمر وينهي كذا وكذا. صدر آخر: قال في " التعريف ": وهو غريب الأسلوب. أدام الله أيام العدل والإحسان النعم الحسان والفضل المشكور بكل لسـان الأيـام التـي أشـرق صباحها السافر وعم سماحها الوافر وآمن بيمنها كل مسلم ضرب عليه سرادق الليل الكافر وعلـت شموسهـا وقـد جنحت العصور الذواهب وقدحت أشعتها فأضاءت بين لابتي الغياهب أيام الديوان " العزيز المولوي السيدي النبوي الإمامي الحاكمي " لا برحت أيامه مفننة وأحكامه مقننة وسحبه على الظماء محننة وقربه بفقد ما حوته مجننة وحقائقه غير مظننة وطرائقه للخير مسننـة والخلائـق تحـت جنـاح رأفتـه ورحمـاه مكننـة ولا زال ولـاؤه ضميـر مـن اعتقد وممير من أخذ من الدهر ما نقد ومبيز الأسود المتضائلة لديه كالنقد وسمير من تنبه وضجيع من رقد ومعير البرق ندى كرمه وقد وقد ومغير متعالي الصباح من راياته العالية بما عقد ومجير من لاذ به حتى لا يضره من فقد ومبير عداه برداه الذي إن تأخر إلى حين فقد. الخادم يخدم تلك العتبات الشريفة التي إن تاهت على السماء فما وإن دنت للتقبيل فإن الثريا تود أن تكون فما وينهب تراب تلك الأرض التي هي مساجد ويقبل ذلك البساط الذي لا موضـع فيـه إلا مكـان لاثـم أو ساجـد وينزههـا عـن سواكب دمعه: لأن ذلك الحرم " الآمن " لا تطل فيه الدماء ويجلها عن مواقع لثمه لأنها لا تلثم السماء ويرفع صالح الدعاء وإنما إلى سمائهـا يرفعه وينهي صادق الولاء وما ثم من يدفعه ويدخر من صحيح العبودية ما يرجو أن ينفعه ويطالع العلوم الشريفة بكذا وكذا. صدر آخر: أدام الله النعمة على الدين والدنيا بإيالة الديوان العزيز! وأسبغ نعمه فالنعم في ضمنها وملأ الآمال منها وأفاض من أنوارها التي علم قرن الشمس أنه غير قرنها وأدال دولته التـي نـزل الخلـق مـن جنـات عدلهـا جنـات عدنهـا وأمضى سيوفها التي تعرب فيعرف ضمير النصر في لحنها وأعلى آراءها التي تلقى العداة بدروع يقينها وتلقى الغيوب بسهم ظنها ولا زالت البشائر تتبارى إليه بردها ويضفو علـى أعطـاف الإسلـام بردهـا ولا برحـت راياتـه سويـدات قلـوب العساكر وأجنحة الدعاء المحلق إلى أفق السماء من أفق المنابر وولاؤها السر المبهم الذي هو مما تبلى به السرائر. الخادم. . صدر آخر: أعلى الله الموحدين على الملحديـن وثبـت كلمـة المتقيـن علـى اليقيـن بـدوام أيـام الديوان العزيز وروض بولاته كل ديوان ووسم بولائـه كـل أوان وأنطـق بحمـده كـل لسـان وألهـم الخلق أن يعنونوا بطاعته صحائف الإيمان وأسعدهم بما يتناولونه في الدنيا من كتب المنن وفي الآخرة من كتب الأمان فكلها طائر في العنق يكون بالطاعة قلائد بر في الأطواق وبالمعصية جوامع أسر في الأعناق. ورد على المملوك كتاب إن لم يكن أنزل من السماء فهو من الذي أنزل عليهم كتب من السماء وإن تنزل ألفاظه بالماء فهو من الذين أنزلت ألفاظ دعواتهم الماء وإن لم يكن كتب العمل: لأنه ليس بيوم الكتاب فإنه قط عجل له قبل يوم الحساب ولولا أن أم الكتاب أعقمت لكان ابن أم الكتاب وإن هو إلا طائر ألزم في عنقه وما وكر طائره إلا المحراب. صدر آخر: أتم الله ما أنعم به على الديوان العزيز وعلى الخلق وأشرك في هذه النعمة أهل الغـرب والشـرق وميز الحظوظ فياه بحسب درجات السبق. فإنه " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنة " والله لا يخلف موعده والديوان العزيز لا يكدر مورده ولا رفع عن أيدي الخلق يده بل يجـري عليهـا مـا ضمنه ويمكنها بما بسط لها في الأرض ومكنه ويرسل عليها سحائب رحمته وينشئ منها ناشئة نعمته ويوجه إلى قلبها وجه كل أمل ويفيض طوفانها فلا يكون به للغليل قبل ولا يأوي إلى حصاة قلب فيعصمها ولو أنه جبل. قلت: ولم أقف على مكاتبة عن أحد من ملوك الديار المصرية إلى أبواب الخلافة مذ صارت دار الخلافـة بالديار المصرية. والظاهر أنه لم تجر مكاتبة عن السلطان إلى الخليفة لأن الخليفة لا يكاد يفارق السلطان سفراً ولا حضراً مفارقة توجب المكاتبة إليه كمـا أشـار إليـه صاحـب " التثقيف ". وقد لوح في " التعريف " إذا ذلك فقال: وأول ما نبدأ بمـا يكتـب بـه إلـى الأبـواب اشريفـة الخليفتية " كذا " زادها الله شرفاً جرياً على قديم العادة ورجاء لملاحظة السعادة. وهذه نسخة مكاتبة من هذا النوع مما كتب به القاضي الفاضل عن السلطان " صلاح الدين يوسـف بـن أيـوب " رحمـه اللـه إلـى ديـوان الخلافـة ببغـداد فـي أيـام الناصر لدين الله بخبر ملك الألمان مـن الفرنجـة والقتال معه في جواب كتاب ورد عليه يوضح في هذا الموضع بيان هذا الأسلوب ويغني عن مراجعة " كثير " من الأمثلة المذكورة في المكاتبات إلى الخلفاء على ما تقدم وهو: أدام الله ظل الديوان العزيز النبوي الإمامي الشريف الناصري ومده على الأمـة ظليـلاً وجعـل الأنوار عليه دليلاً وحاطـه بلطفـه وتقبـل أعمالـه بقبـول حسـن وأنبتهـا وأرغـم أعـداءه وكبتهـا ومسها بعذاب من عنده وسحتها ولا زالت رايته السوداء بيضاء الخير محمرة المخبر في العدة مسودة الأثر. ورد على الخادم ما كوتب به من الديوان العزيز رائداً في استخلاصه مبرهناً عن اختصاصه مطلقاً في الشكر للسانه وفي الحرب لعنانه ومقتضياً لأمنية كان يتهيبها ومفيضـاً لمكرمـة لـو سمـت نفسـه إليهـا كان يتهمها فلله هو! من كتاب كأنه سورة وكل آية منه سجدة قابله بالخشوع كأنما قلم الكتاب القضيب وطرسه البردة وتلاه على من قبله من الأولياء مسترفهاً به لعزائمهم مستجزلاً به لمغانمهم مستثبتاً به للازمهم مستدعياً به الخدمة للوازمهم مرهفاً به ظباهم في القتال فاسحاً به خطاهم يوم النزال فأثـر فيـه كالاقتـداح فـي الزنـد وكالانبجـاس مـن الصلـد وكالاستدلال من الغمد فشمر من كان قد أسبل وانتهى من كان قد أجبل وكأنما أعطوا كتاباً من الدهر بالأمان أو سمعوا منادياً ينادي للإيمان وقالوا: سمعنا وأطعنا وعلينا من الخدمة ما استطعنـا هـذا مـع كونهـم أنضاء زحوف وأشلاء حتوف وضرائب سيوف قد وسمت وجوههم علامـات الكفـاح وأحالـت عرضهـم أقلـام الرمـاح صابريـن مصابريـن مكاثريـن مكابريـن مناضلين مناظرين قد قاموا عن المسلمين بما قعد عنه سائرهم ونزلوا بقارعة القراع فلا يسير عنها سائرهم وسدست كعوب الرماح أنلهم وأثبتوا في معترك الموت أرجلهم كل ذلك طاعة لله ولرسوله ولخليفتهما وإذا رموا فأصابوا قالوا ولكن الله رمى. ومن خبر الكفار أنهم إلى الآن على عكا يمدهم البحر بمراكب أكثر عدة من أمواجه ويخرج للمسلمين منهم أمر من أجاجه قد تعاضدت ملوك الكفر على أن ينهضوا إليهم من كل فرقة منهم طائفة ويقلدوا لهم من كل قرن يعجز بالكرة واصفه فإذا قتل المسلمون واحداً في البر بعث البحر عوضه ألفاً وإذا ذهب بالقتل صنف منهم أخلف بدلـه صنفـاً فالـزرع أكثـر مـن الجداد والثمرة أنمى من الحصاد. وهذا العدو المقاتل - قاتله الله - قد زر عليه من الخنادث أدراعـاً متينـة واستجـن مـن الجنويـات بحصـون حصينـة مصحـراً ومتمنعـاً وحاسـراً ومتدرعـاً ومواصلاً ومنقطعاً وكلما أخرج رأساً قد قطعت منه رؤوس وكلما كشف وجهاً كشف من غطاء أجسادها نفوس فكم من يوم أرسلوا أعنـة السوابـق فذمـوا عقبـى إرسالهـا وكـم مـن ساعة فضوا فيها أقفال الخنادق فأفضى إليهم البلاء عند فض أقفالها إلا أن عددهم الجم قد كاثر القتل ورقابهم الغلب قد قطعت النصل لشدة ما قطعها النصل. ومن قبل الخـادم مـن الأوليـاء قـد آثـرت المـدة الطويلـة والكلـف الثقيلـة فـي استطاعتهـم لا فـي طاعتهـم وفـي أجوالهم لا في شجاعتهم فالبرك قد أنضوه والسلاح قد أحفوه والدرهم قد أفنوه وكل من يعرفهم من أهل المعرفة ويراهم بالعين فما هم مثل من يراهم بالصفة يناشد الله المناشدة النبوية في الصيحة البدرية اللهم إن تهلك هذه العصابة ويخلص الدعاء ويرجو على يد أمير المؤمنين الإجابة. هذا والساحل قد تماسك وما تهالك وتجد وما تبلد وشجعتـه مواعـد النجـدة الخارجـة وأسلتـه عن مصارع العدة الدارجة فكيف به إذا خرج داعية الألمان وملوك الصلبان وجموع ما وراء البحر وحشود أجناس الكفر وقد حرم بابهم - لعنة الله عليهم وعليه - كل مباح واستخرج منهـم كـل مذخـور وأغلـق دونهـم الكنائـس ولبـس وألبسهـم الحـداد وحكـم عليهـم أن لا يزالـوا كذلك أو يستخلصوا المقبرة ويعيدوا القمامة. اللهم أخفر جواره واصرف جوره وأخلف وعده واكسر ضمانه وأنكصه على عقبه وعجـل فـي الدنيـا والآخـرة مهـم تبابـه. ومـا بدأتنـا به من نعمتك فلا تقطعه وما وهبتنا من نصرك فـلا تسلبـه ومـا سترتـه مـن عجزنـا فـلا تهتكـه. " و " في دون ما الدين مستقبله وعدوه خذله الله يؤمله ما يستغـرغ عزائـم الرجـال ويستنفـد خزائـن الأمـوال ويوجـب لإمـام هـذه الأمـة أن يحفـظ عليها قبلتها ويزيح في قتل عدوها علتها ولولا أن في التصريح ما يعود على عدالته بالتجريح لقال ما يبكي العين وينكي القلوب وتنشق له المرائر وتشق له الجيوب ولكنه صابر محتسب منتظـر لنصـر اللـه مرتقـب قائم في نفسه بما يجب رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي وها هو قد هاجر إليك هجرة يرجوها عندك مقبولة وولدي وقد أبرزت لعدوك صفحات وجوههم وهان علي محبوبك بمكروهي فيهم ومكروههم. ونقف عند هذا الحد ولله الأمر من قبل ومن بعد وإن لـم يشتـك الديـن إلـى " ناصـره " والحـق إلـى مـن قام بأوله وإلى اليوم الآخر يقوم بآخره فإلى من يشتكى البـث وعنـد مـن يتفـرج بالنفـث ومنفعهـة الغـوث قبـل العطـب والنجـاء قبـل أن يصـل الحزام الطبيين والبلاغ قبل أن يصل السيل الزبى. فيـا عصبـة محمـد صلى الله عليه وسلم اخلفه في أمته بما تطمئن به مضاجعه ووفه الحق فينا فإنا وإن المسلمين عندك ودائعه وما مثل الخادم نفسه في هذا القول إلا بحالة من وقف بالباب ضارعاً وناجـى بالقـول صادعـاً ولـو رفعـت عنـه العوائـق لهاجـر وشافـه طبيـب الإسلـام بـل مسيحه بالداء خامر ولو أمن عدو الله أن يقول فر لسافر وبعد ففيه وإن عض الزمان بقية وقبله وإن تدارأت الشهاد درية فلا يزال قائماً حتى ينصر أو يعذر فلا يصل إلى حرم ذرية أحمد صلى الله عليه وسلم ومن ذرية أيوب واحد يذكر. أنجز الله لأمير المؤمنين مواعد نصره! وتمم مساعدة دهره! وأصفى موارد إحسانه! وأرسى قواعد سلطانه! وحفظه وحفظ به فهو خير حافظاً ونصره ونصر على يديه فهو أقوى ناصراً إن شاء الله تعالى. ثـم اعلـم أن المقـر الشهابـي بـن فضـل اللـه قـد ذكـر فـي " تعريفـه " أيضـاً أن المكاتبـة إلى أبواب الخلافة من الملوك والسوقة لا تختلف بل تكون على الأنموذج المقدم ذكره واستلزم ذلك: فجرى على هـذا المصطلـح فيمـا كتـب بـه إلـى الديـوان العزيـز الحاكمي أحمد بن أبي الربيع سليمان أحد الخلفاء العباسيين بالديـار المصريـة عـن رمـاة البنـدق بالشـام جوابـاً عمـا ورد عليـه مـن كتابهـم وهـو متكلم على رماة البندق يومئذ في أمر ناصر الدين بن الحمصي وهو أحد الرماة. أدام اللـه تعالـى أيـام الديـوان العزيـز المولـوي السيـدي النبـوي الإمامـي الحاكمـي ونصـر به جمع الإميان وبشر بأيامه الزمان ومتعه بالملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده بما ورثه من سلميان ولا زال يخضـع لمقامـه كـل جليـل ويعـرف لأيامـه كـل وجـه جميـل ويعتـرف لشرفـه كـل معتـرف بالتفضيل ويشهد بنفاذ أوامره من ذوي نسبه الشريف كل أخ وخليـل ولا كـان إلا كرمـه المأمـول ودعاءه المقبول وعدوه المصروع ووليه المحمول ولا برحت طاعته يعقد عليها كل جمع ومراسمه ينصت إليها كل سمع وطوائف الذين كذبوا عليه لا تتلى عليم آياته إلا تولوا وأعينهم تفيض من الدمع. المماليك يقبلون الأرض بالأبواب العالية التي هي خطة شرفه ومكان تعبد القدماء منهم ومن سلفهم ويلوذون بذلك المقام ويعوذون بذلك الحرم الذي لا يبعد نسبه من البيت الحرام ويؤملون ذلك الكرم الذي ما منهم إلا من سعد به طائر وجاءته به في وجه الصباح أشائره وفي وجه العشـاء بشائـره فنالوا به أقصى المرام وقضوا به من العمر ما إذا قالوا: يا سعد! لا يعنون به إلا ذلك الإمام وينتهون إلى ما ورد به المرسوم الشريف الذي ما من المماليك إلا مـن مـت لديـه بتقديم عبوديته ورقه وسارع إلى طائره الميمون وحمله بسبقه وفتح له عينه وظن أنه حاكم وامتثلوا أمره وكيف لا تمتثل الرماة أمر الحاكم ولا سيما ابن عم سيدنا رسول الله صلى الله عليـه وسلـم الإمام الحاكم وأجلوه عن رفعه على العين إذ كانت تلك بمنزلة الحاجب وقدموا إليه خفوق قلوبهم الطائرة وما علموا إن كانوا قاموا بالواجب ووقفوا على أحكام حاكمه فما شكوا أن زمـان هـذا الفـن بحيـاة ناصـره في بغداد قد عاد وأن مثاله المتمثل في سواد الحدق مما حكته أيامـه العباسيـة مـن شعـار السـواد وعلمـوا مـا رسـم بـه فـي معنـى محمد بن الحمصي الذي ما نورت الليلة أكاريخه ولا بعدت في الإقعاد له تواريخه بل أخمدت دموع ندمه نيرانه المشتعلة وأصبح به لا يحل القوس في يده إلا أنه مشغلة وما كان أنهاه الديوان العزيز مما لم تذكر الخواطر الشريفة بأنه قبة المفتري وأنه صاحب القوس إلا أن ماله سعادة المشتري وأنه موه تمويه الجاحد وتلون مثل قوس قزح وإلا فقوس البندق لون واحد وأدلى بغروره وعرض المحضر الذي حمله على تغريـره وذلك في غيبة الأمير بهاء الدين أرسلان البندقدار الحاكمي الذي لو كان حاضراً لكان حجـة عليـه ومؤكـداً لإبطـال رميه وقوسه وبندقه في يديه لما تضمنه الخط الشريف المقيد اللفظ المكتتب على المصطلح الساحب ذي فخاره على المقترح الذي هدى إلى الخير وبدا به ما وهـب مـن الملـك السليمانـي الـذي أوتي من كل شيء وعلم منطق الطير فإنه لم يكتب له إلا بأن يرمي على الوجه المرضي واستيفاء شروط البندق والخروج من جميع الأشكال عملاً بقواعده ويعلـم بأنـه مـا رعـى حـق قدمتـه ولا فعـل فـي البـاب العزيـز مـا يجب من التحلي بشعار الصدق في خدمته وأنه خالف عادة الأدب وأخطأ في الكل لكنه ندب وذلك بعد أن عمل له جميع رماة البندق وسئل فأجاب: بأنه سالم من كل إشكال يشكل وأنه بعد أن أقعد رمى وحمل وحمل فشهـد عليـه السـادة الأمـراء ولـاة العهد إخوة أمير المؤمنين ومن حضر وكتبوا خطوطهم في المحضر وما حصل الآن عند عرض قصة المماليك بالمواقف المقدسة ووضوح قضيتـه المدنسـة: مـن التعجب من اعتراف المماليك لكونهم رموا معه بعد أن رأوا الخط الشريف وهو لفظ مقيـد وأمر أيد به رأي الإمام الحاكم بأمر الله المسترشد بالله والمؤيد وكل ما أمر به أمير المؤمنين لا معدل عن طرقه ولا جدال إلا به إذا ألزم كل أحد طائره في عنقه وأمير المؤمنين بحر لا يرد إلا من علمه وهو الحاكم ولا راد لحكمه. وإنما ابن الحمصي المذكور عدم السداد وخالف جاري العادة في الحمص فإنه هو الذي سلق في الافتراء بألسنة حداد ولم يوقف المماليك من الخط الشريف إلا على بعضه ولا أراهم من برقه المتهلل غير ومضه والذي أوقفهم عليه منه أن يرمي محمد بن الحمصي ويرمى معه وكلمة أمير المؤمنين مستمعة ومراسيمه متبعـة وإذا تقـدم كـان الناس تبعه. غير أن المذكور بدت منه أمور قطع بها الأمير صارم الدين صاروجـا الحاكـم البندقـدار فـي حقـه وأقعده عن قدمته التي كان يمت فيها بسبقه وانتقل عنه غلمانه وثقل عليه زمانـه ونـودي عليـه فـي جمـع كبيـر يزيـد على تسعين قوساً وجرح بخطأ بندقه جرحاً لا يوسى ثم بعـد مـدة سنيـن توسـل بولـد الأميـر المرحـوم سيـف الديـن تنكـز إلـى أبيـه وتوصل به إلى مراميه فأمر أن يرمى معه وهدد المخالف بالضرب ولم يرم معه أحد برضاه إلا خوف أن توقد نار الحرب فلما مضت تلك الأيام وانقضت تلك الأحلام جمع مملوك الأبواب العالية الأمير علاء الدين بن الأبـو بكـري الحاكـم فـي البنـدق الـآن مـن رمـاة البنـدق جمعـاً كبيراً واهتم به اهتماماً كثيراً وذكر أمر المذكور وأحضر محضره المسطور ولم يكن عليه تعويل ولا في حكم الحاكم المتقدم تعليل ولا عنـد هـذا الحاكـم الـذي ادعـى لـه وادعـى عنـده تجـوز الأباطيـل وتحقق أن الحق فيما حكم به عليه فتبـع وترجـح أن لا يقـام منـه مـن أقعـد ولا يوصـل منـه مـا قطـع فنفـذ حكـم الحاكم المتقدم واستمر بقعوده المتحتم ووافقه على هذا سائر الرماة بالبلاد الشامية وحكامها ومن يرجع إليه في الرماية وإحكامها وبطلت قدمة لمذكور التي ذهـب فيهـا عمـره ضائعـاً وزمانـه الـذي لـو اشتريت منه ساعة بالعمر لم يكن نافعاً. ولما ورد الآن هذا المرسوم الشريف زاده الله شرفاً قبلوا الأرض لديه وأوقفوا عليه حاكمهـم المسمـى فوقـف لـه وعليه وجمع له جمعاً لم يدع فيه من الرماة معتبراً ولا من يلقم القوس وترا ولا مـن إذا قعـد كالعيـن جـرى مـا جـرى ثم قرأ عليهم ما تضمن ودعوا لأمير الؤمنين ولم يبق منهم إلا من دعا أو أمن وتضاعف سرورهم بحكمه الذي رفع الخلل وقطع الجدل وقالوا: لا عدمنـا أيام هذا الحاكم الذي أنصف والإمام الذي عدل وبقي ابن الحمصي مثله ونودي عليه إنه من رمى معه كان مخطئاً مثله ووقرت هذه المناداة في كل مسمع وقرت استقرار الفضـل عليـه المجمع وذلك بما فهم من أمير المؤمنين وبنص كتابه المبين وبما قضى الله به على لسان خليفته الحاكـم واللـه أحكـم الحاكميـن وطالعوا بها وأنهوا صورة الحال وجمعوا في إمضائه الآمال. لا زالت سعـادة أميـر المؤمنيـن منزهـة عـن الشبـه آخـذة مـن خيـر الدارين كل اثنين في وجه حتى تحصل كل رمية من كثب ولا يرمي في كل أمنة إلا كل مصطحـب مـا غـب فـي السمـاء المـرزم ووقـع العقاب على ثنية يقرع سنه ويتندم وعلا النسر الطائر والواقع على آثاره وسائر طيور النجوم والحوم إن شاء الله تعالى. قلت: وقـد اعتـرض فـي " التثقيـف " كلـام المقـر الشهابـي بـن فضـل اللـه فـي " التعريـف " فقـال: وفيمـا ذكـره فـي " التعريـف " مـن التسويـة فـي المكاتبـة بيـن الملوك والسوقة نظر. وما أشار إليه من النظر ظاهـر: فـإن الـذي تجـب مكاتبتهـم به ما يكاتب به المرؤوس رئيسه بحسب ما تقتضيه الحال في ابتداء المكاتبات من يقبـل الـأرض كمـا تكاتـب الملـوك ب هـم بذلـك أحـق وأجـدر. ويكـون الخطـاب لهـم فـي أثنـاء المكاتبـة بمـا أشـار إليـه فـي " التعريـف " بالديـوان العزيز والمواقف المقدسة أو المشرفة والأبواب الشريفة والباب العزيز والمقام الأشرف والجانب الأعلى ومولانا أمير المؤمنين ونحو ذلك بحسب ما تقتضيه الحال على ما تقدم ذكره.
أمـا على المصطلح القديم حين كانت المكاتبة إلى الخلفاء " لفلان من فلان " فقال في " صناعة الكتاب ": ويكون التصدير في المكاتبة إلى ولـي العهـد علـى مـا تقـدم فـي المكاتبـة إلـى الخلفـاء مـع تغييـر الأسمـاء غيـر أنـه جعـل الفـرق بيـن الإمـام وغيـره ممن يكاتب بالتصدير أن يقال للإمام في التصدير مع السلام: وبركاته في أول الكتاب وآخره. ومن سوى الإمام تحذف وبركاته من التصدير وتثبت في آخر الكتاب. وقـد تقـدم أن التصديـر إلـى الخليفـة حينئـذ كـان " لعبـد اللـه أبي فلان فلان أمير المؤمنين سلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فإني أحمد إلى أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله. أما بعد طال الله بقاء أمير المؤمنين إلى آخره ويختم بقوله: والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ". وحينئـذ فتكـون المكاتبـة إلـى ولـي العهد على ما أشار إليه في " صناعة الكتاب " من الابتداء بالتصديـر مـع تغييـر الأسمـاء: " لعبـد اللـه أبي فلان فلان ولي عهد المسلمين سلام على ولي عهد المسلمين فإني أحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على رسوله صلى الله عليه وسلـم. أمـا بعـد: أطـال اللـه بقـاء ولـي العهـد ويختمـه بقولـه: والسلـام علـى ولـي عهـد المسلمين ورحمة الله وبركاته " أو نحو ذلك. وأما على المصطلح الذي حدث بعد ذلك فقد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في كتابـه " التعريـف " أن رسـم المكاتبـة إلـى ولـي العهـد بالخلافـة: ضاعـف الله تعالى جلال الجانب الشريف المولوي السيدي النبوي الفلاني ثم الدعـاء المعطـوف. وأبـدل فـي " التثقيـف " لفـظ الجانـب بالجناب. والخطاب له بمولانا وسيدنا ولـي العهـد ونحـو ذلـك. والتعبيـر عـن المكتـوب عنـه ب " الخـادم يقبل العتبـات الشريفـة أو اليـد الشريفـة " أو نحـو ذلـك. قـال فـي " التثقيـف ": والعلامـة إليـه " الخـادم " والعنوان " الجناب الشريف " وبقية الألقاب المذكورة إلى آخرها. قال: وهو أحسن من الجناب: لعدم اشتراك غيره معه فيه بخلاف الجناب. قال: وهذا أيضاً على عادة من تقدم من الملوك أما في زماننا وقبله بمدة مديدة فلم يتفق وجود ولي عهـد للخلافة وبتقدير وجوده فإذا لم يكن الخليفة يكاتب في هذا الأيام فكيف بولي عهده. صدر: ضاعف الله تعالى جلال الجانب وأطلع مع وجود الشمـس بـدره التمـام وأحـوج مـع زاخـر الحبـر منـه إلـى مـدد الغمام وقدمه إماماً على الناس وأطال بقاء سيدنا أبيه الإمام ولا عدم منه مع نظر والده الشريف جميل النظر ولا برح صدر دسته العلي إذا غاب وثانيه إذا حضر ولا زال الزمان مختالاً مـن جـود وجودهمـا لا عـرف اللـه الأنـام قـدره إلا بالزهـر والثمـر ولا زاد فيض كرم إلا هو من كف أبيه فاض أو من وبله العميم انهمر. الخـادم يخـدم تلـك العتبـات الباذخـة الشرف الناسخة بما وجده من الخير في تقبيلها قول من قال: لا خيـر فـي السرف. وينهي ولاء ما عقد على مثله ضمير ولا انعقد شبيهه لولي عهد ولا أمير وإخلاصـه فـي انتمـاء أشـرق منـه علـى الجبيـن وأشـرف فـرآه فرضاً عليه فيما نطق به القرآن ورقم في الكتاب المبين. صدر آخر: أعز الله أنصار الجانب الشريف ولا حجب منه سر ذلك الجلال ولا معنى ذلك البدر المشرق منه في صورة الهلال ولا فيض ذلك السحاب المشرع منه هذا المورد الزلال ولا تلـك المآثـر االتـي دل عليهـا منـه كرم الخلال ولا تلك الشجرة المفرعة ولا ما امتد منها به من الغصن الممتد الظلال ولا ذلك الإمام الذي هو ولي عهده وهو أعظم من الاستقلال. الخـادم يقبـل تلـك اليـد موفيـاً لهـا بعهـده " ومصفياً مها لورده " ومضفياً منها جلابيب الشرف على عطفه وحسبه فخاراً أن يدعى في ذلك المقام بعبده ويترامى على تلك الأبواب ويلثم ذلك الثرى ويرجو الثواب. صـدر آخـر: ولا زالـت عهـود ولايتـه منصوصة وإيالته بعموم المصالح مخصوصة وصفوف جيوشه كالبنيان مرصوصة وقوادم أعدائه بالحوالق محصوصة وبدائـع أنبائـه فيمـا حلقـت إليـه دعوته الشريفة مقصوصة " والوفود في أبوابه أجنحتها بالندى مبلولة مقصوصة ". الخادم يجدد بتلك الأعتاب خدمه ويزاحم في تلك الرحاب خدمه ويقف في تلك الصفوف لا تنقـل عـن الطاعة قدمه ويتمثل بين تلك الوقوف ويتميز عليهم إذا ذكر في السوابق قدمه ويدلي بحجـج سيوفـه " التـي أشهرهـا وصروفـه التـي لاقـى أشهرهـا ومواقفـه " التـي مـا أنكرهـا الديـوان العزيـز مذ أثبتها ولا حط رماحها مذ أنبتها ولا محا سطورها مذ كتبها ليغيظ الأعـداء ولا يشفـي صدورها منذ كتبها وينهي كذا وكذا. صـدر آخـر: ولا زالـت مواعيد الظفر له منصوصة ورؤوس من كفر بطوارقه مرضوضة وصحائف الأيام عما يسر به الزمان فيه مفضوضة وجفـون عـداه ولـو اتصلـت بمقـل النجـوم مغضوضة وطوارق الأعداء التي تجنهم منه بسيوفه معضوضة. الخادم يخدم أرضه المقدسة بترامي قبله وتقليب وجهه إلى قبله ويتطوف بذلك الحرم ويتطول من فواضل ذلك الكرم ويتطوف بقلائد تلك المنن وفرائد تلك المواهب التي إن لم تكن له وإلا فمن فإنه والله يشهد له لا يعتقد بعد ولاء سيدنا ومولانا أميـر المؤمنيـن والقيـم بأمـور الدنيـا والدين عليه الصلاة والسلام إلا ولاءها ولا يؤمل بعد تلك الآلاء إلا آلاءهـا ولا يرجـو مـن غيـر هذه الشجرة المباركة لأمله إثماراً ولا لليله إقماراً ولا لأيامه حافظاً ولا لحال إقدامه في قدم صدق ولائه لافظاً قائماً في خـدم هـذه الدولـة القاهـرة يجهـد فـي منافعهـا " ويجـد فـي كبـت مدافعهـا " ويدخر شفاعتها العظمى إذا جاءت كل أمة بشافعها وينهي كذا وكذا.
الحال في المكاتبات الصادرة عن ملوك الديار المصرية إلى أهل المملكة: من مصر والشام والحجاز مكاتباتهم الى اهل المملكة وفيه ثلاثة مقاصد المقصد الأول في المكاتبات المفردة المسلك الأول في بيان رتب المكاتبات ورتب أهلها وهي على ضربين الضرب الأول " المكاتبـات إلـى الملـوك علـى مـا كان عليه الحال في الزمن المتقدم مما لعله يعود مثله وهي الدعاء للمقام وفيه مكاتبتان " الأولى - المكاتبة إلى ولي العهد بالسلطنة " وهي " على ما ذكره في " التثقيف ": أعز الله تعالى أنصار المقام العالي الملكـي الفلانـي الأخـوي أو الولـدي إن كـان أخـاً أو ولـداً. ثم الدعاء اللائق به ثم يقال: " أصدرناها إلى المقام العالي ويطالع علمه الشريف " والعلامة " أخـوه " سـواء كان أخاً أو غير أخ و " والده " إن كان والداً. ولم يذكر تعريفه والذي يظهر أنه يكتب لـه " ولـي العهـد بالسلطنـة الشريفـة ". ولـم يذكـر قطـع الـورق لهـذه المكاتبـة والـذي يظهـر أنـه فـي قطع العـادة علـى قاعـدة المكاتبـات إلـى أهـل المملكـة. قـال فـي " التثقيـف ": ولعـل هـذه المكاتبـة نظيـر ما كتب به إلى الملك الصالح علاء الدين علي ولد المنصور قلاوون: فإنه كان ولي عهد أبيه المذكور توفي في حياته. ثم قال: ورأيت أمثلة كثيرة صدرت عنه بخلاص الحقوق وعلامته الثانية - المكاتبة إلى صاحب حماة من بقايا الملوك الأيوبية قبل مصيرها نيابة وآخر من كان منهم في الدولة الناصرية " محمد بن قلاوون " الملك الأفضل ناصر الدين محمد بن الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل لما صارت إليه بعد أبيه المذكور. ورسـم المكاتبـة إليـه علـى مـا ذكـره فـي " التثقيـف " فـي قطـع العادة: " أعز الله تعالى أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي الأفضلي الناصـري ونحوهمـا ". ثـم الدعـاء وبعـده " أصدرناها إلى المقام الشريف " والعلامة " أخوه " وتعريفه " صاحب حماة ". قال في " التثقيـف ": ولـم يـزل الحـال علـى ذلك إلى أن عزل عنها الأفضل المشار إليه بعد الأيام الشهيدية الملك الصالح عماد اليد إسماعيل ابن السلطان الشهيد الناصر محمد بن قلاوون واستقر بها بعده نائباً الأمير طغاي الحموي أمير مجلس كان فبقيت نيابة بعده إلى الآن.
" المكاتبات إلى من عدا الملوك من أرباب السيوف والأقلام وغيرهم ممن جرت العادة بمكاتبته وفيه مهيعان " المهيع الأول " في رتب المكاتبات وهي على عشر درجات " وصورت على ما ذكره في " التثقيف ": " أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي المولوي الأميـري الكبيـري العالمـي العادلـي المؤيـدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري العابدي الناسكي الأتابكي الكفيلي الفلانـي معـز الإسلـام والمسلميـن سيـد أمـراء العالميـن ناصر الغزاة والمجاهدين ملجئ الفقراء والمساكيـن زعيـم جيـوش الموحدين أتابك العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين عضـد أميـر المؤمنيـن ". ثـم الدعـاء المعطـوف والتصديـر المناسب: مثل أن يقال: " ولا زال عزمه مؤيداً وعزه مؤبداً وسعده على ممر الجديدين مجـدداً أصدرناهـا إلـى المقـر الكريـم تهـدي إليـه مـن السلـام أتمـه ومـن الثنـاء أعمـه ". ثم يقال: " وتبدي لعلمه الكريم كذا وكذا ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره الكريم بكذا وكذا فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه ". الدرجة الثانية " الدعاء للجناب الكريم " وصورتـه على ما أورده في " التثقيف " عما استقر عليه الحال " أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثارغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيـف الأمـراء فـي العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين سيف أمير المؤمين ". ثم الدعاء والتصدير المناسب مثل أن يقال: " ولا زالت عزائمه مؤيدة وأوامره السعيدة مسددة صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً طيباً وثناء مطنباً وتوضح لعلمه الكريم كذا. ومرسومنا للجناب الكريم أن يتقدم أمره الكريم بكذا وكذا فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه ". قلت: والذي في " التعريف ": " أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم بإبدال نصرة بأنصار واختلاف بعض الألقاب المتقدمة ". الدرجة الثالثة " الدعاء للجناب العالي بمضاعفة النعمة " وصورته على ما في " التثقيف ": " ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأمير الكبيري العالمي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفالني عز الإسلام والمسلمين سيف الأمـراء فـي العالميـن نصـرة الغـزاة والمجاهديـن زعيـم جيـوش الموحديـن مقـدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين ". ثم الدعاء والتصدير المناسب مثل: " ولا زال قدره عالياً ومدحه متوالياً وجيد الدهر بمحاسنه حالياً وتوضح لعلمه الكريم كذا ومرسومنا للجناب العلي أن يتقدم أمره الكريم بكذا فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه ". الدرجة الرابعة " الدعاء للجناب العالي بدوام النعمة " وصورتهـا علـى مـا أورده فـي " التثقيف ": " أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمـي الظهيـري الفلانـي عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقـدم العساكـر كهـف الملـة ذخـر الدولـة عماد المملكة ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين " والدعاء والتصدير المناسب مثل أن يقال: " ولا زال قدره رفيعاً وعزه منيعاً و مريعـاً. صـدرت هـذه المكاتبـة إلـى الجانـب العالـي تهـدي إليـه سلامـاً طيبـاً وثنـاء صيبـاً " ثـم يقـال: " وتوضح لعلمه المبارك كذا فيحيط علم الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه ". الدرجة الخامسة " الدعاء للمجلس بدوام النعمة " ورسمهـا: " أدام اللـه تعالـى نعمـة المجلـس العالـي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي العوني الأوحدي النصيري الهمامي المقدمـي الظهيـري الفلانـي عـز الإسلـام والمسلميـن سيـد الأمـراء فـي العالميـن نصـرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ظهير الملوك والسلاطيـن حسـام أميـر المؤمنيـن " ثـم الدعـاء والتصديـر المناسبن مثل: " ولا زال عالياً قدره نافذاً أمره جارياً على الألسنة حمده وشكره. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي له سلامـاً وثنـاء بسامـاً " ثـم يقـال: " وتوضـح لعلمـه المبارك كذا. ومرسومنا للمجلس العالي أن يتقدم أمره المبارك بكذا فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه ". الدرجة السادسة " صدرت والعالي ويعبر عنها بالسامي بالياء " وصورتهـا علـى مـا فـي " التثقيـف ": " صـدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي الأميري الكبيري العضدي الذخري النصيري الأوحدي الغوني الهمامي المقدمي الظهيـري الفلانـي مجـد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقـدم العساكـر ذخـر الدولـة كهف الملة ظهير الملوك والسلاطين " ثم الدعاء المناسب مثل: " أدام الله سعادته وأجزل من الخير بره وإفادته موضحة لعلمه المبارك كذا ومرسومنا للمجلس العالي أن يتقدم بكذا فيحيط الدرجة السابعة " صدرت والسامي ويعبر عنها بالسامي بغير ياء " وصورتها: " صدرت هذه المكاتبـة إلـى المجلـس السامـي الأميـري الأجلـي الكبيـري العضـدي الذخـري النصيـري الأوحـدي الفلانـي مجـد الإسلـام بهـاء الأنـام شـرف الأمـراء زيـن المجاهدين عضد الملوك والسلاطين " ثم الدعاء مثل: " أدام الله سعادته وأجزل من الخير عادته تتضمن إعلامه كذا ومرسومنا للمجلس السامي أن يتقدم بكذا فليعلم ذلك ويعتمده والله الموفق بمنه وكرمه ". الدرجة الثامنة " يعلـم مجلـس الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الأمراء زين المجاهدين عدة الملوك والسلاطين " والدعاء مثل: " أدام الله سعـده وأنجح قصده أن الأمر كذا ومرسومنا له أن يتقدم بكذا فليعلم ذلك ويعتمده والله الموفق بمنه وكرمه ". قلت: وقد تقدم في أول المكاتبات أنه يتعين أن يكون الدعاء للمكتوب إليه مناسباً للحال مثل أن يكون موافقاً لاسم المكتوب إليه أو لقبه أو ظيفته أو محل نيابته أو الأمر المكتوب بسببه: من استطلاع أمر واسترهاف عزم وفتح وظفر وبشارة وغيرها وما يجري مجرى ذلك وتقدم هناك ذكر جملة من الأدعية في الأمور المختلفة المعاني. ونحن نذكر هنا نبذة من الأدعية والتصديرات اللائقة المتقدمة مما يدعى به للنواب ومن في معناهم ليقرب تناوله باقترانه بصور المكاتبات ". الأدعية والصدور لنواب السلطنة " أدعية تصلح للنائب الكافل " ولا زالت كفالته تبسط المعدلة وعزائمه على الإنصاف والإسعاف مشتملة وتقدماته تبلغ كل ذي قصد أمله. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلـام أكملـه ومـن الثنـاء الحسـن أجزله وتبدي. آخر: ولا زالت الممالك كلها في كفالته والمسالك على اختلاف طرقها آئلة إلى إيالته والملائك محومة على بنوده محتفة بهالته والأرائك لا تثنى إلا على دست فخاره ولا تعد إلا لجلالتـه. أصدرناها إلى المقر الكريم تخصه بأفضـل السلـام وأطيـب الثنـاء المرقـوم علـى أعلـى الأعلـام وتبدي. آخر: ولا زالت كفاية كفالته تزيد على الآمال وتتقرب إلى الله بصلاح الأعمال وتكفل ما بين الجنوب وأقصى الشمال. أصدرناها إلى المقر الكريم وصدرها بذكره منشرح وببره فرح وبعلو قدره في أيامنا الزاهرة يسر ويؤمل منه ما يزيد على أمل المقترح وتبدي. أدعية تصلح لنائب الشام المحروس و " لازالـت " الممالـك " تؤيـد " بعزمـه ورأيـه تأييـداً والـدول " تسـدد " بكفالتـه تسديداً و " تشيد " تشييداً. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاماً تضاعف أجزاؤه وثناء يبهج الخواطر سناؤه وتبدي لعلمه. آخر: ولا زالت النفوس بيمن كفالته فائقه والخواطر في محبته متوافقة والألسن بشكر محاسنه ناطقة وقلوب الأعداء من بأسه ومهابته خافقة. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه أنواع السلام المتناسبة وأجناسه المتناسقة وتثني على أوصافه التـي أصبحـت الأفـواه فـي ذكرهـا صادقة وتبدي لعلمه. آخر: ولا زالت عزائمه مرهفة الحد وكفالته كفيلة بنجح القصد ومغانمه في سبيل الله تعرب عـن الاجتهـاد فـي قهـر الأعـداء والجد. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاماً يفوق شذاه العنبر والند وثناء مجاوزاً أبداً الحصر وأمداً العد وتبدي لعلمه. آخر: ولا زالت قلوب أهل الإيمان من كفالته مؤتلفة وفرق أهل من بأسه وخوفه مختلفة وأحوال أهل العناد بجميـل تدبيـره فـي استطلاعهـا واضحـة منكشفـة. أصدرناهـا إلـى المقـر الكريـم تثنـي علـى همتـه التـي لـم تـزل على المصالح معتكفة وتهدي إليه تحية شموسها مشرقة غير منكسفة وتبدي لعلمه. آخـر: ولا زالـت سعادتـه بحكـم الأقدار دائمة والمعدلة بجميل حلمه وصائب رأيه قائمة والعيون بيمن كفالته في مهاد أمننه نائمة. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه تحية طيبة المسرى وثناء حسن وصفاً وطاب ذكراً وتبدي لعلمه. آخـر: ولا زال النصـر حليـة أيامـه وشامـة شامه وغمامة ما يحلق على بلده المخضر من غمامه. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام لا يرضى حافر جواده الهلال نعلا ولا يحظى به إلا بلده ونخص منه الشرف الأعلى وتبدي لعلمه. آخر: وسقى عهده العهاد وشفى بعدله العباد وزان به حسن بلده التي لم يخلق مثلها في البلاد وهي إرم ذات العماد. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلـام تسـر بـه النفـوس ويطـوق بـه فضله الجامع وتتحلى به العروس وتبدي لعلمه. آآخر: ووقى بسور جيوشه الممتنعة ضرر الضراء وكسر بأسود جنوده ذئاب الأعداء الضراء وسبق دهماء الليل وشهباء النهار " وحمراء الشفق " وصفراء الأصيل وشقراء البرق بسابقته أدعية وصدور " تصلح لكل من النائب الكافل ونائب الشام ومن في معناهما كالأتابك ونحوه " دعاء من ذلك: ووصل المسار بعلمه الذي لا ينكر وحلمه الذي يشكـر وحكمـه الـذي يأمـر بالمعروف وينهى عن المنكر. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام يسرع إليه وثناء يرد منا عليه وتبدي لعلمه. آخر: ولا زالت الـدول برأيـه مقبلـة السعـود مترقيـة فـي الصعـود مملـوءة الرحـاب: تـارة تبعـث البعوث وتارة تفد عليه الوفود. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أشرقه نجوماً ومن الثناء أغدقه غيوماً وتبدي لعلمه. آخـر: ولا زالـت الممالـك بآرائـه منيـرة وبراياتـه لأعدائها وأعداء الله مبيرة وبرؤياه تتضاءل الشموس المشرقة وتخجل السحب المطيرة. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي غليه من السلام درره ومن الثناء غرره وتبدي لعلمه. آخر: ولا برحت آراؤه كالنجوم بعيدة المدى قريبة الهدى متهللة كالغمام: للأعداء منها الصواعق وللأولياء منها الندى. أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام حسن الافتتاح وثناء كما نظم الوشاح وتبدي لعلمه الكريم. آخر: ولا برحت تنير غياهب الخطوب وعزائمه تثير سنابك الجياد للجهاد فتظفر منن التأييد بكل مطلوب وصوارمه تفتك بالأعداء فتهتك منهم كل ستر محجوب. أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاماً أزهى من الزهر وأبهى من روض وافى نضارته النظر وتبدي لعلمه. آخر: ولا برح التأييد يصحب رايته والعزم يخدم عزمته والرعب يؤم طليعته والظفر يحكم في العدو سيفه فلا يستطيع عاصي الحصون عصمته. أصدرناها إلى المقر الكريم تكافي بمزيد الشكر همته وتوافي إليه بثناء واف يحسد المسك نفحته وتنهي لعلمه. آخر: ولا برحت سيوفه تسيل يوم الروع جداولها وعزائمـه تنصـر كتائبهـا وجحافلهـا ومنزلتـه علـى ممـر الزمـان بيـن السماكيـن منازلهـا. أصدرناهـا إلـى المقـر الكريم تثني على محاسنه التي بهرت أوصافها واختالت في ملابس الحمد أعطافها وتبدي لعلمه. أدعية وصدور " تصلح لنائب حلب المحروسة " دعـاء مـن ذلـك: ولا زال يعـد ليـوم تشيـب منـه الولـدان ويعـد دون " كل محارب " بينه وبين الشهباء والميدان ويعم حلب من حلى أيامه ما لا يفقد معه إلا اسم ابن حمدان. فإن كان لقبه سيف الدين قيل " ويعم حلب من حلى أيامه ما لا يفقد معه سيف الدين إن فقـد سيـف الدولـة بـن حمـدان. صـدرت هـذه المكاتبـة إلـى الجنـاب الكريـم تهدي إليه سلاماً ما مر على روض إلا انتهب طيبه نهبا وثناء تعقد له أعلامه على كتيبته الشهبا وتوضح لعلمه ". آخر: وفتح بسيوفه الفتح الوجيز وأحل عقائل المقاعل منه في الكنف الحريز وأعاد به رونق بلـد مـا جفـت بهـا زبـدة حلب وهو فيها العزيز. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم بسلام ذهبه لا يذهب وثناء لا تصلح لغير عقيلة الشهباء قلادة عنبره الأشهب وتوضح لعلمه الكريم. آخر: ولا زالت هممه مطلة على النجوم في منازلها مطاولة للبروق بمناصلها قائمة في مصالح الدول مقام جحافلها. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليـه سلامـاً كالـدرر وثناء طويل الأوضاح والغرر وتبدي لعلمه. آخـر: وأمده بعونه وجمله بصونه ولا زال رأيه في النقيضين: لهذا سبب فنائه ولهذا علة كونه. صـدرت هـذه المكاتبـة إلـى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً رطيباً وشكراً يكون على ما تخفي الصدور رقيباً وتوضح لعلمه. آخر: وأعلى له من الأقدار قدراً وضاعف لديه من لدنه سروراً وبشراً ولا أعدم الممالك من عزائمه تأييداً ونصراً. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه سلاماً يفوق الزهر ويسابق في سيره الشمس والقمر وتبدي لعلمه. آخر: وخصه بجميل المناقب ومنحه من المزيد علو المراتب وضاعف لديه من الإيثار شريف المواهب. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً كرم وفوده وثناء حسن وصفه وعذب وروده وتوضح لعلمه. آخر: ولا زالت الخواطر تشهد منه صدق المحبة والنفوس تتحقق أنه قد جعل النصيحة لأيامنا الشريفة دأبه. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاماً زاكية أقسامه وثناء كمل عقده واتسق نظامه وتوضح لعلمه الكريم. آخر: وزاد عزمه المبارك تأييداً ومنح نعمه على ممر الأوقات مزيداً وجعل حظه من كل خير سعيداً وسعده بتجديد الأيام جديداً. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه تحية حسن إهداؤها إليه وثناء يبهج الخواطر وروده عليه وتوضح لعلمه. آخر: وجعل السعد المؤبد منن مغنامه وأقامه لإبقاء الخير في معادنه وإثبات العز في معالمه. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه تحية طاب نشرها العاطر وثناء أبهج ذكره الخاطر وتوضح لعلمه. آخر: ولا زال بالملائكة منصوراً وبمزيد النعم مسروراً وبكل لسان موصوفاً مشكوراً. صدرت هذه المكاتبة إلى البـاب الكريـم تهـدي إليـه سلامـاً يضـوع نشـره وثنـاء يفـوح عطـره دعاء وصدر " يصلح لنائب السلطنة بطرابلس " " وهو من هذه النسبة وما يبعد منها. والدعـاء مثـل قولنـا: وأطـاب أيامـه التـي مـا رقـت علـى مثلهـا أسحـار وعدد في مناقبه العقول التي تحار وأخذ بنواصي الأعداء بيده لا تنأى بهم البراري المقفرة ولا تحصنهم البحار. صـدرت هـذه المكاتبـة إلـى الجنابة العالي بسلام وفرت مه أسهمه التي يدرأ بها العدا في نحرها وثناء مطرب ترقص به الخيل في أعنتها والسفن في بحرها. دعاء آخر وصدر ولا زالت صفوفه تشد بنيان الحرب وسيوفه تعد للقتل وإن قيل للضرب وسجوفه تجر على بلد ما مثله في شرق ولا حصل على غير المسمى منه غرب. صـدرت هـذه المكاتبـة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يزيد أفقه تزييناً وثناء يأتيه من فائق الدر بما يستهون معه بالمينا. دعاء وصدر " يصلد لنائب السلطنة بحماة " " وأتم بخدمه كل مبرة وبهممه كل مسرة وصان ما وليه أن يكون به غير النهر " العاصي " أو ينسب إليه سوى البد المعروف " معرة ". صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً تمسح أنديته بالسحائب وثناء يأتي به حما حماة وقرونها المنشورة بألويته معقودة الذوائب. " دعاء آخر وصدر وحمـى حمـاه وزان موكبـه بأحسـن حمـاه وحسـن كنائـن سهامـه التـي لا يصلح لها غير بلده حماه ". صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً تحمله إليه الركائب السائرة وثناء تشرق منه الكواكب أضعاف ما تريه أفلاك الدواليب الدائرة وتوضح لعلمه. دعاء وصدر " يصلح لنائب صفد " وشكر هممه التي وفت وعزائمه التي كفت وأعلى به بلداً مذ وليه قيل: صفد قد صفت صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً لا تزال شعائره تقام وثناء مذ هب على بلد قيل: إن هواءها يشفي الأسقام وتوضح لعلمه. آخر: ولا زالت مساعيه تسوق إليه الخطوط " البطية " وتقدم له العلياء مثل المطية وتهنيه بما خص به من صفد وهي العطية " صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يحييه في محله وثناء يودع في معقله الذي لا تصل أعلى الشوامخ إلا إلى ما سفل من ظله " وتوضح لعلمه. أدعية وصدور " تصلح لكل من نواب طرابلس وحماة وصفد ومن في معناهم " دعاء وصدر من ذلك: ولا برح منصور العزمات مسدداً في الآراء والحركات مشيداً قواعد الممالك بما له من جميل التقدمات. صدرت هذه المكاتبة إلى الباب العالي تهدي إليه سلاماً أرجاً وثناء بهجاً وتوضح لعلمه. آخر: ولا زال سيفه ماضياً وجيده حالياً وضده خاسياً. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً وتسدد لرأيه الصائب سهاماً وتوضح لعلمه. آخـر: ولا زالـت آراؤه سعيـد وتأثيراتـه حميـدة وسيوفـه لرقـاب العـدا مبيـدة. صـدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاماً يتأرج وثناء نشره نشر الثوب المدبـج وتوضـح لعلمه. آخر: ولا زالت آراؤه عالية وأجياده حالية ونعم الله عليه متوالية. صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه السلام التام والثناء الوافر الأقسام وتوضح لعلمه أدعية وصدور " تصلح لنائب الكرك ومن في معناه ممن رتبته المجلس العالي مع الادعاء " دعـاء مـن ذلـك: وأيد عزمه وأبد حزمه وفوق إلى نحر العدا سهمه. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاماً وتسدد لرأيه الصائب سهاماً وتوضح لعلمه. آخـر: ولا زال عاليـاً قـدره نافـذاً أمـره جاريـاً علـى الألسنة حمده وشكره. صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاماً وثناء بساماً وتوضح لعلمه.
|